سلْمى تُهلوس :
الفسـاد العربي]: عندما تَحْمِلُ السّياسة سِفاحـاً [
عندما نتحدث عن مضاجعة سياسية مُحرمّة ، فـ بلا
شك أن نتيجة المضاجعة تلك "الحمْل سِفاحا" ، وسيثمر هذا الحمل إبناً غير
شرعي والأكثر شُهرة على الساحة العربيّة الا وهو "الفساد" ، في لحظة
خروجهـ ووسط الأهوال الثوريّة ، سَـ يتبارك به و يحتفل أهلُ السادة والسُلطة كونه يحمل
إسمهم ولقبهمُ الملكي ، وسيتربع على عرش الكرسي الأحمر المُشمّع والمختوم بأسماء
تتشرف بها مزبلة التاريخ ، وكونه أيضا الوريث الوحيد لتلك الاوراق الخضراء
والحمراء "البِليُوتريليونيّة" ، ولأنه صاحب تلك النصوص والمواد المؤطّرة
ضمن أساسيات الاختراقات القانونيّة المُباحة ، فـ لابد أن يُعْطى الثقل والوزن
المطلوب ، لأنه يُمثل العملة الزائفة التي تشبه عملة الولايات المتحدة
البراغماتيّة ..
لهذا الأبن الغير شرعي أقنعة كثيرة ، يَتفنن في
ارتدائهِا بـ أناقة تامة ، في المناسبات الرسميّة نهاراً ، واللّيالي الحمراء ليلاً
، مُسْتغلاً بـِأناقته ووسامته أصحابَ السُلْطة ، مُستقطباً ضمائرهم الميّتة
سريرياً بسهولة تامة ، في زمًن غابتْ فيه المبادئ السامية وتحولت الى سراب ، فَ
يعمل عمل الشيطان الرجيم في زخرفة وبهرجة مشروع الفساد ، حتى يغدو الأمر من
المشاريع المفضلة لدى تلك الثُلة ممن باعوا مبادئهم بـِ أرخص الأثمان ..
عندما نتحدث عن قوانين وسياسات وإستراتيجات
وضعت للتصدي لمشاريع الفساد ، فـ إننا نتحدث تشبيهياً عن سماء بلا سحاب ، وبحر بلا
أسماك ، وأرض بلا صخور أو أشجار ، هي القُحولة التي تُصور لنا تلك المشاهد بوضعية
أشبه ماتكون مقاربة في الوزنْ لِقُربة الماء المثقوبة ، التي وأن إستمرت عمليات
النفخ فيها فلن تُجدي نفعاً ، ولن تُعطيها تلك الهَيبة التي تجعلنا نقف أمامها
وقفة تحدي يستحيل بعدها أن نشتم للفساد رائحة ، أو نرى له أثر ...
في حقيقة الأمر أن كذبة الاستراتيجيات أصبحت
مُتاحة في الأسواق السوداء .. ومن أراد أن يشتري تلك الكذبة فله ذلك ، ولكن سيكتشف
في الحلقة الأخيرة أنها من فئة المنتجات الحكوميّة "الصينيّة" التقليدية
المستهلكة ، وذات تاريخ انتهاء أشبه في مفعوله بالحليب الأبيض ، سـ أعتبر الأمر في
المرة الأولى غباءاً ، لكن عندما ندرك أن ذات الفرد قد عاد الى تلك الاسواق ، ليشتري
الكذبة من جديد ويصدقها ، فـ أصنف الأمر على أنه الغباء بعينه ، الذي يستحيل أن
نراهـ من منظور الفكر والمنطق عند الأنسان العاقل ...
النصوص والمواد القانونية ، التي تُعتبر الاطار
الشرعي والرئيسي لكثير من الجوانب التي نُعايشها ، أصبحت ذات صيغة تداوليّة تحت
الطاولات المخشّبة ، ويتم التعديل فيها وفق ماتشتهيه "النفس السلطّوية"
، لذلك لاعجب أن نرى لللفسادٍ اشكالا وصيغا متنوعة ، تتباين بين الماليّة والادارية ، وبين
الاجتماعيّة ، ويتفنن أهلها أيّما تفنن في رسم الصورة النهائية ، والتي تصلنا كالْجرح الذي لن يندمل ، وليتهم
يعلمون أن " الجرح
ماهو خاطر شوي ويْروق ... .الجرح حتى لو تشافى يعلـك"
الخوف من خطوة الإقدام على الافصاح بِشكل علني لـِ
أمور أوضح من أن يتم التستر عليها ، ماهي الا حلقة تُشكل التضارب الحقيقي بين المصلحة
والاصلاح .. لذلك أجدني أفعل ما أعتبرهـ الصواب .. كوني في نهاية الأمر أمثل فكري بغض
النظر عن كينونته .. وإن فرضنا اني كنت يوماً احد منتقدي جهة ما ، بالرغم من انتفاعي
منها .. وانتقادي لم يأتٍ الا بوجهـ حق لا باطل .. ف حتماً سـ أستمر ف ذلك على أن يكون
انتقاداً بناءاّ يوضح أوجه القصور ف تلك المنظومة
في سبيل ايجاد سبل للاصلاح والتغيير ..
ممتنة لتوفيق الحكيم ومقولته الشهيرة التي أصبحت
ذات شهرة أكبـر لإقتباسي لها في الكثير من هلوساتي :
" المصلحة الشخصية هي الصخرة التي تتكسر عندها أقوى المبادئ" .. وللأسف صور
كثيرة من مجتمعاتنا تعزز حقيقة هذه المقولة تعزيزاً يُعطيها أحقيّة التداول في الأوساط
الـ"المخمليّة " .. وممارستها بشكل غير شرعي ضمن الطبقة "الكُحيتيّة
والكادحة" .. والتي بلا شك لم تأتي من فراغ ، وعزاي أننا أصبحنا نُصرح
لأنفسنا إستغلال المنصب السلطوي في تبني مشاريع الفسـاد الرائـدة ..فَـ هنيئاً
للحكومات العربيّة فرصة المضاجعة المُحرّمّة ، فقد أثمرت فساداّ مُطرزاً بالذّهــبْ..
"سلْمـى الحجْـريّة"
19 / 3/ 2012 م
5:30 صباحا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق