الثلاثاء، 6 مارس 2012


"أغيثوهم اغاثكم الله "


سلمـّى تُهلـوس :


البحث عن الحقيقة ربما تبقى المادة الوحيدة التي نحتاج أن نرفع توصيات للجهات المعنيّة ، حتى تتبنى فكرة تعزيز المادة وتطويعها منهجيّا ، كـ أضافة مثرية بجانب المواد الدراسية والجامعية ...

في حين أن البعض فضّل أن يكتفي بالواقع السطحي ، بعيداّ عن غرس مبادئ البحث والتقصيّ والتي منها سـ تتولد تيارات عكسية تقف أمام السطحيّة الحقائقيّة ، والتي بلا شك تّشكل الصدام الحقيقي أمام الفكر البصري بنوعيّه الضيق والواسع ، وأبعادهـ ومستوياته المتفرعة ،..

الكثير من الأحداث قادتني الى هذه الفلسفة التي جعلتني أنظر من منطلق البصيرة قبل البصر ، لأيماني العميق أن الواجهة الشكليّة ليست الصورة الحقيقيّة للشيء واللاّشيء ! ، وربمأ لأننا شعوب عاطفيّة تنقاد وفق المنطلقات الانسانية الرعناء الى حيث اللانهاية ، لتجد نفسها وسط ساحة الحرية المحاطة بالأشواك  ، ف هل من سبيل لٍتخطي الألم جراء المشي على اشواك الحريّة ؟!..

ألهمني القائد خميس العلوي وجلسات التدريب ، والمقولة الذي اعتدت سماعها "Get out the box" ، لتزرع بداخلـي مبادئ تُعنى بخلع العباءة السوداء .. والتي تتركز على توليد معاني الحقيقة واطلاق سراح الدوال ، وعدم تقييد الفكر والعقل ضمن نظاقات ضيّقة تفرض سلوكيات الحرمان العاطفيّة ان صح التعبير .. فـ لعقولنا الصغيرة حق في ان تعيش بحريّة ، تسبح في فضاءات واسعة ، باحثة عما يشبع رغباتها وصولاً الى حقائق كانت بعيدة المنال ...

وألهمني أكثر في ذلك اليوم الذي قال فيه " put yourself in their shoes" ، العبارة بسيطة في حروفها ولكن العقول التي تألف التطلع لما هو أبعد ، ستجد متعة الغرق في أعماق محيطاتها ، في محاولة جادة للتعرف على مكنونات البحر بشكل يشبه تماماً النموذج الفريدماني ، .. أشعر أني مدينة كثيراً لهذه المقولة ، كونها فتحت آفاقا واسعة لن يستوعبها كل عقل بشري ..

سـ أهلوس لعلي أفرغ طاقة الاستفزاز التي وردت الى أعماقي من خلال الصورة أعلاهـ  ،التي ضخت العديد من المعاني الإنسانيّة وفق الساحة العامة ، لكن ربما خلت من تلك المعاني على الساحة الأخرى، الا أن بساطة الرجل المُسن جعلتني أتطلع لأن أكون مكانه ، وأعيش الفقّر كـ موقف ربما سيجبرني يوماّ ان أبيع فنجان قهوة للمارة وبسعر رمزي جداً لِـ نًقل على سبيل المثال بـ50 بيسة ، في سبيل أن أُطعم أبنائي وأسد رمقهمـ ..

رُبما لو افترضت أني سطحيّة التفكير ، ولا أملكُ الا بصر قاصر في النظر الى الأمور من زاوية أوسع ، فرُبما كما قال البعض ممن ينضمون لهذه التوصيفة ، سيعتبرون الموقف السائد في الصورة اعلاه محاولة تسول و"شحاتة" .. لا أعجب من هذه المحاولة التعسفيّة الغسقيّة ، في زمن اختلط فيه النور بالظلام ، والملاك بالشيطان ، وتصاعدات وتيرة الأنا حد السماء ، لـ ُ تثبت لنا حجم المسؤولية الملقاة على عاتٍقنا في الخروج من دوامـة أرهقتنا كثيراً ..

مدينة بالكثير من الاعتذار لهذا الرجل المُسن ولمن مثله والذين يعيشون في دولة النفط التي بلغ إنتاجها من النفط الخام والمكثفات النفطية في شهر فبراير 2012 م مايقارب 24,796,509 برميـل  ، ناهيك عن كميات النفط الخام المصدرة للخارج في شهر فبراير بمقدار 20,123,653 مليون وفق احصائيات فبراير 2012م ..

مدينة بالكثير من الاعتذار لهم ، لأنّ البعض من أصحاب النظرة القصيرة المدى ، يعتبرون أن هذا "نصيبهم" من الحياة ، وكل دولة بها فقراء وأغنياء ، الا أن المعادلة غير متزنـة عندما نتحدث عن دولة غنيّة تصرف الكثير من موازنتها في أمور لاتعتبر ضمن الاولويات الوطنيّة التي تعود بالنفع على الوطن والمواطن .. "إصلاح داخلي لا شكلّي"

مدينة أكثر وأكثر بالإعتذار لهم ، كونهم رُغم كٍبر السن وعدم القدرة على العمل ، اضطروا لأن يتوجهوا ويسلكوا هذا المسلك ، ليسَ تسولا .. ولا "ِشحاتة" .. فقط سدًا للجوع  ، وحفظاً لكرامتهم التي أبت منهم الوقوف في أماكن كـ تلك ومد أيديهم طلباً للمساعدة  والعون ..

نعم ، تُوجد الكثير من الجمعيات الخيريّة والمبادرات التي تُعنى بمساعدة أبناء الشعب الذين تعسرت أحوالهم وضاقت بهم سُبل الحياة ، ولكن السؤال الذيّ يطرح نفسه .. الى متى سنستمر في الاعتماد على تلك الجمعيات والمبادرات ؟ ... والى متى سيظل هؤلاء في إنتظار هذه المُساعدات وكأنهم يعيشون تحت رحمتها .. ورحمة الله وسعت كل شي ! ..

لو جازت لي الأمنية ياحكومتي وياأبناء الوطن ، لـَ تمنيت أن أهدم وتيرة الأنا المتصاعدة ، وأعزز مبدأ " put yourself in their shoes" حتى تُجبروا أنفسكم العيش في حذاء هذا الرجل كـ تعبير مجازي ، أتطلع من خٍلاله لرسم صورة أعمق في المعنى في دواخلكمـ ، فُـ رُبما يأتي اليوم الذي يًعتبر الجميع هذا المشهد المُصور كارثة عظيمة وًجب الوقوف عليها بشكل جدّي واتخاذ حلول مُناسبة لـٍ للخروج بما يُحقق الصالح العام وفق أطر مقننّة منضوية تحت مظلة الأولويات الشعبويّة ان صح التعبير ..

حُكومتنا الرشيدة ، رُبما هي هَلوسة متفردة وتاخذ طابع الهذونة ، إلا أن صوت الحق بداخلي ابى السكوت ، وهشمّ ضريح الظلمة التي تَسكن الكثير منا ، لا نريد سوى أن يكون لهذا الصـوت أذان تستمع وتُنصت قبل الاستماع ، تًسعى بمصداقية تامة لتحقيق الرسالة الذي تأتي بها أصواتنا المبحوحة ... أغيثوهم أغاثكم الله :) ..


"سلمى الحجّرية "

7 / 3 / 2012 م
11:30 صباحا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق